منوعات

خدعة سلامة والتآمر على القاضية اسكندر: ضياع أموال لبنان

فرح منصور – المدن

يومان كاملان يفصلان حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة عن الإجراءات القضائية التي ستتخذ بحقه في فرنسا. وأيام قليلة تحدد للدولة اللبنانية ضمانة حقها من أموال سلامة أو حرمانها منها.

خدعة قانونية؟
في السادس عشر من أيار الجاري، عند التاسعة صباحاً تحديداً، ستنعقد جلسة الاستجواب التي حددتها القاضية الفرنسية أود بوروسي لسلامة في فرنسا. وجميع المعلومات تشير إلى أن سلامة لن يمثل أمام بوروسي يوم الثلاثاء المقبل، بعدما تمكن من إيجاد “خدعة قانونية” للتسلّح بها.

ببساطة، رياض سلامة لن يحضر جلسة استجوابه لأنه لم يتبلغ بها حتى الساعة، علماً أن الاستنابة القضائية الفرنسية حُولت إلى القاضي شربل أبو سمرا في السادس من نيسان الماضي.

وخلال الأيام الماضية، حاولت “المدن” التأكد إن كان حاكم مصرف لبنان قد تبلغ قانونياً بموعد جلسته أم لا. لذلك، أكد مصدر قضائي رفيع لـ”المدن” أن “القاضي أبو سمرا حوّل التبليغ إلى سلامة، ولكن أُرجع كتاب التبليغ إلى قصرالعدل بعدما تعذّر تسليمه إلى سلامة”.

واكتفى المصدر القضائي بذلك، رافضاً تقديم أي إجابة أخرى، ولم تُعرف الأسباب التي أدت إلى إرجاع التبليغ إلى قصر العدل، وعما إن كان أبو سمرا سيعاود إرسال التبليغ إلى سلامة يوم غد الإثنين.

تمكنت “المدن” من الحصول على معطيات جديدة. فوفقاً للمعلومات، فإن سلامة رفض أن يستلم التبليغ بسبب عدم وجود إشارة القاضي المختص عليه، أي إشارة القاضي أبو سمرا، مما أدى إلى  إرجاعه إلى الأخير. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هذا “الخطأ” أتى سهواً أم متعمداً؟

ويمكن القول أن سلامة سيتسلّح بهذه الحجة القانونية يوم الثلاثاء المقبل، حيث من المتوقع أن يشرح وكيله القانوني الفرنسي أمام القاضية بوروسي سبب تغيبه عن موعد جلسته، قائلاً: “لم يتبلغ بها قانونياً” أو “وفقاً للأصول”، علماً أنه لم يتبق أمام أبو سمرا لتصحيح هذا “الخطأ القانوني” سوى يوم غد الإثنين فقط!

استمرار العراقيل
وألاعيب سلامة القانونية ومحاولة بعض السياسيين حمايته وصون أمواله لم تتوقف هنا، بل وصلت إلى حد إمكانية حرمان الدولة اللبنانية من حقها من أمواله في الخارج.

باختصار، الدفوع الشكلية التي قدمها وكيل سلامة القانوني، أمام القاضي أبو سمرا كانت واضحة في مضمونها. فالحاكم لا يريد لممثلة الدولة اللبنانية، القاضية هيلانة اسكندر، رئيسة هيئة القضايا في قصر العدل من حضور جلسات استجوابه، ويطلب إخراجها من الملف، متهماً إياها بأنها تتحرك من دون صفة رسمية، لعدم حصولها على توقيع وزير المالية، يوسف الخليل (راجع “المدن”).

بدورها، أبدت النيابة العامة، المتمثلة بالقاضي رجا حاموش رأيها بهذه الدفوع. ووافقت على المضمون، ما يعني أن اسكندر تتحرك من دون صفة رسمية.

وكانت المفاجأة، بتسريب وثيقة موقعة من وزير المالية، وربما يمكن اعتبار تسريبها محاولة منه للهروب من هذا الجدال، خصوصاً مع توسع التحقيقات الفرنسية التي باتت قريبة من إعلان تورطه مع سلامة. فالوثيقة تؤكد أن القاضية اسكندر ليست بحاجة لإذن أو لقرار موقّع من الوزير الخليل لتقوم بمهمتها .

الأمر الذي أجبر حاموش على تغيير مطالعته وتقديم واحدة أخرى لأبو سمرا، الذي من المفترض أن يبت بالدفوع الشكلية يوم الخميس المقبل.

وما عرضناه أعلاه يؤكد الصفة الرسمية التي تحملها اسكندر، على عكس ما يحاول سلامة إثباته أمام أبو سمرا. وبالتالي، يجوز لها أن تطالب بحق الدولة اللبنانية من أمواله في حال مصادرتها أوروبياً.

وأخطر ما في هذا الأمر حتى اللحظة، أن اسكندر التي عينت سابقاً مجموعة من المحامين في فرنسا لمتابعة حق الدولة في الخارج، بحاجة اليوم إلى مرسوم وزاري صادر عن مجلس الوزراء للموافقة على عمل هؤلاء المحامين في فرنسا، الأمر الذي لم يحصل بعد.

مرحلة قصيرة
وهنا، شرح مصدر قضائي رفيع لـ”المدن” الأسباب التي من الممكن أن تؤدي إلى خسارة الدولة اللبنانية ضمانتها من الأموال قائلاً: “إن لم يصدر المرسوم الوزاري خلال هذه الأيام القليلة، فالدولة اللبنانية ستخسر حقها من أموال سلامة”.

ومعنى ذلك، أن القاضية هيلانة اسكندر قد عينت 3 محامين من فرنسا، لمتابعة الملف، من دون أي كلفة مادية، إلا أنهم بحاجة إلى مرسوم وزاري للتحرك في فرنسا.

وهنا يأتي السؤال البديهي: “لماذا لم يوافق مجلس الوزراء على مهمة الوكلاء القانونيين المجانية في فرنسا”؟ والجواب: لأسباب لا يعلمها أحد.

وتابع المصدر: “العراقيل التي تحصل اليوم لم تعد مفهومة، وإن كانت الأسماء التي قدمتها ممثلة الدولة اللبنانية لم تُعجب مجلس الوزراء، فليقترح المدير العام في وزارة العدل أسماءً أخرى، فالأهمية اليوم في الحفاظ على حق الدولة اللبنانية!”.

واختتم المصدر قائلاً: “هذه الأموال من حق الشعب اللبناني، ومن الضروري التحرك بسرعة قبل أن يداهمنا الوقت، خصوصاً مع تسارع القضاء الأوروبي في تحقيقاته. وعدم موافقة مجلس الوزراء حتى اللحظة، يعني أن الدولة اللبنانية لا تمتلك أي وكيل قانوني خارج لبنان لمتابعة حقوقها، أي أنها ستخسرها”.

خلال الأيام المقبلة وبناءً لطلب القضاء الفرنسي، من المتوقع أن تصدر نشرة حمراء عن الإنتربول بحق رياض سلامة، خصوصاً في حال تغيبه عن الجلسة. وفي الوقت نفسه، أمام الدولة اللبنانية فترة ضيقة للتحرك قبل أن تخسر ضمانتها بشكل نهائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى