إلياس الأشقر يختتم 27 عاماً من العطاء البلدي: حان وقت تسليم الشعلة
من قلب بيت شباب: حكاية رئيس بلدية آمن بالتعليم وصنع فرقاً
مريم بيضون – ستار نيوز فيجن – خاص
في بلدة بيت شباب، وبين أزقّتها التراثية، يحزم رئيس البلدية إلياس الأشقر أمتعته من العمل البلدي، ويطوي صفحة عمرها 27 سنة من العطاء، ليفتح المجال أمام جيل جديد يحمل الشعلة.
بهدوء الكبار وثقة من حقق الكثير، أعلن الأشقر قراره بعدم الترشح مجددًا. قرار لم يكن سهلاً، لكنه كان نابعاً من إحساس داخلي بأن الزمن تغيّر، وأنه من الضروري إفساح المجال للشباب ليخوضوا تجربة العمل البلدي. يقول: “بعد27 سنة رئيس بلدية. صار لازم أعطي دور لغيري. هيك حسّيت، ولازم يصير“.
ردود الفعل حول القرار كانت متباينة. البعض أثنى على الخطوة، معتبراً أنها لفتة راقية تدعو للتجديد، فيما أصرّ آخرون على أن البلدة لا تزال بحاجة إلى خبرته. لكن الأشقر اختار الانسحاب من موقع القيادة، والبقاء في موقع الداعم.
خلال مسيرته، واجه تحديات وصعوبات، لكن بفضل الرؤية والعمل الجماعي، تمكن من تحقيق مشاريع ضخمة أحدثت فرقًا واضحًا، أبرزها على الصعيد التعليمي، حيث تم بناء مدرستين: مهنية وثانوية، تؤمنان التعليم المجاني لأكثر من ألف تلميذ.
ورغم الصعوبات التي واجهت مشروع المدرسة الثانية، إلا أن الإصرار والضغط الإيجابي على الجهات الرسمية أثمر في النهاية. إيمان الأشقر العميق بأهمية التعليم كان دافعه الأول، لأنه يرى في النهوض التربوي حجر الأساس لأي تنمية مستدامة.
لكن رحلته لم تكن محصورة في الإنشاءات. هو شاهد ومحلل أيضًا. يتحدث بمرارة عن الواقع السياسي والإداري في لبنان، ويرى أن الإصلاح الإداري لا يزال بعيدًا، في ظل نظام طائفي ومحاصصة يقف عائقاً أمام أي تقدم حقيقي.
أما عن دور المغتربين، فقد أثنى على وقفاتهم الإيجابية ومساعداتهم، لكن عبر أيضاً عن خيبة الأمل لأن هذه المساعدات غالبًا ما تضيع في دهاليز الفساد.
بيت شباب، البلدة التي يرأسها منذ أكثر من ربع قرن، لم تكن سياحية بمعناها الأثري، لكنها غنية بتاريخها الحرفي. من الفخار إلى الأجراس إلى قماش القديم، تميزت البلدة بصناعاتها اليدوية، قبل أن تخفت هذه الحرف بفعل الأزمات الاقتصادية وغلاء الإنتاج.
وفي ختام حديثه، وجّه الأشقر رسالة إلى الشباب، داعيًا إياهم إلى التكاتف والعمل المشترك، ليس فقط في بيت شباب، بل في كل لبنان. يرى أن التغيير الحقيقي لا يأتي إلا من جيل واعٍ، متماسك، يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.
“إن شاء الله السياسيين يوعوا”، قالها وفي صوته مزيج من الأمل والتعب، لكنه رغم كل شيء، لا يفقد الأمل بأن هذا الوطن ما زال فيه خير… لو عرف أبناؤه كيف يوحّدون كلمتهم.