منوعات

بين الجميلة “إدا بلماس سريني” والحسناء “كريستيانا روزاريا بارسوني” ضاعت القضية وتبددت الأهداف

وسام الأسعد

مما لا شك فيه أن حادثة تفجير أجهزة البيجر يوم الثلاثاء الماضي شكلت صدمة كبيرة على كافة الصعد على امتداد ساحة المواجهة.

بالتزامن مع مجريات الانفجارات واحصاء عدد الشهداء والجرحى كان السؤال الذي يُطرح على كل لسان كيف حدث هذا الاختراق الأمني لجهاز عسكري مدرب لدرجة ممتازة ولديه الحذر الكافي لتجنب وكشف أي محاولة خداع من هذا العدو .

بعد الإستبيان ومتابعة مجريات الأحداث بدأت ترشح معلومات خلف كارثة البيجر التي هزت العالم ويبرز اسم أكاديمية حسناء إيطالية تدعى كريستيانا روزاريا بارسوني أركيدياكونو. وهنا تكمن قطبة مخفية بعد أن تعاقدت المرأة المعروفة بأنها أكاديمية في علوم الفيزياء والجسيمات مع الشركة الأم التايوانية “غولدن باور”. ولكن بعد ما حصل في لبنان، غابت كريستيانا، رئيسة شركة “بي آي سي” في بودابست عن السمع وحذفت حساباتها على مواقع التواصل الإجتماعي بعد أن أقفلت مكاتبها.

بموجب الاتفاقية بين الشركتين، حصلت كريستيانا على عقد طويل الأمد يسمح للشركة بتصميم وتصنيع وبيع أجهزة النداء “بيجر” (AR924) في مناطق محددة ولكن تحت العلامة التجارية Gold Apollo.

ووفقًا لسجلات الشركة المجرية، تم إنشاء شركة BAC Consulting في أيار 2022 من قبل كريستيانا التي تبلغ من العمر 49 عامًا. ووفق “فايننشيال تايمز” يبدو أنها المديرة الوحيدة لشركة حققت إيرادات بلغت حوالي 800000 دولار في عام 2023.

يُظهر ملفها الشخصي على “لينكد إن” أنها حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة لندن في فيزياء الجسيمات، بالإضافة إلى عملها في مؤسسات بريطانية مثل كلية الدراسات الشرقية والإفريقية وكلية لندن للإقتصاد. وصفها أحد الأشخاص الذين قابلوها في السنوات الأخيرة في مؤتمر اتصالات في لاتفيا بأنها أكاديمية.

تظهر سجلات الشركة عنوان منزلها على أنه برج شاهق يعود إلى الحقبة الشيوعية في شمال العاصمة الهنغارية بودابست. ووفق أربعة جيران ومصفف شعر في المبنى لصحيفة فاينانشال تايمز إنهم لا يتذكرون رؤيتها في السنوات الأخيرة. كانت الشقة التي تتقاسمها مع والدتها التي قال الجيران إنها تعيش في الخارج، مزودة بباب أمان بثلاثة أقفال ثقيلة. وبينما “تأتي والدتها إلى هنا من حين لآخر”، قالت جارتها بارسوني أركيدياكونو إن آخر زيارة لها كانت “منذ فترة طويلة”.

وفي الوقت نفسه، كان هناك نشاط ضئيل يوم الأربعاء في مبنى مكتبها، وهو منزل عادي بجوار طريق سريع يؤدي إلى خارج بودابست. وكان الاستثناء رجلين توقفا في سيارة سيدان مرسيدس سوداء.

تظهر صورتها أيضًا على موقع شركة تسمى Eden Global Impact، والتي تسرد عنوانًا في منطقة Mission في سان فرانسيسكو، وتصفها بأنها “خبيرة في العمل والبرامج الإنسانية والاجتماعية، ولديها كفاءات واسعة في القطاع غير الربحي”. وتبيع الشركة مولدات الطاقة الشمسية وأنظمة تنقية المياه و”هاتف لامركزي يعمل بالأقمار الصناعية خارج الشبكة”.

وتساءلت الصحيفة: “لم يتضح بعد كيف أو لماذا قد تبيع أكاديمية ذات خبرة واسعة في تغير المناخ وفيزياء الجسيمات والاقتصاد العالمي أجهزة استدعاء تايوانية للمشترين اللبنانيين”. وآخر تعليق لها لشبكة “إن بي سي نيوز”: “أنا لا أصنع أجهزة الاستدعاء. أنا مجرد وسيط. أعتقد أنك أخطأت”.

هذه الحادثة تذكرني بواقعة شبيهة لها حدثت منذ 76 عاماً وهي قضية المقدم فؤاد مردم بك:

وكانت هذه الكارثة بالنسبة للضباط السوريين الشباب، المنعطف الحاد في تفكيرهم وفي قناعاتهم، وفي سلوكها اليومي فقد وجدوا أن زعماءهم السياسيين كانوا مهملين ومستهترين إلى حد الفظاظة. فقد ذهبت القوات السورية إلى المعركة بذخيرة متواضعة، فوجهت اتهامات علنية بالرشوة والإختلاس إلى هؤلاء السياسين. لا سيما في قضية الضابط فؤاد مردم ابن أخ رئيس الحكومة جميل مردم بك الذي أرسل من قبل الحكومة السورية لاستلام كمية مهمة من الأسلحة التشيكية تضمنت ما بلي : 8000 بندقية، 200 رشاش، 6 ملايين طلقة، 25 ألف بدلة عسكرية، 1000 منظار ميداني، معدات لرسم الخرائط ومناظير أفقية من عيار 50 مم.

وقد فشلت الجهود التي بذلتها غولدا مائير، وموشي شيرتوك رئيسا القسم السياسي في الوكالة اليهودية، وكذلك حاييم وايزمن بنفسه مع الحكومة التشيكية التي كانت علاقاتها ودية آنذاك مع بعض الزعماء الإسرائليين من أجل إلغاء الصفقة. وافق التشيكيون على أي حال على تأخير تنفيذ العقد المبرم مع الحكومة السورية، وعلى تزويد الدولة اليهودية الناشئة بالأسلحة.

في أواخر إذار سنة 1948، أرسلت شحنة الأسلحة السورية عبر سكة الحديد إلى يوغسلافيا حيث تم تحميلها على متن السفينة (ليو) التي أبحرت إلى بيروت، لكن السفينة تعرضت لخلل في المحرك واقتيدت إلى خوض في ميناء باري في جنوبي إيطاليا. عند ذلك بدأ عملاء الإستخبارات الإسرائيلية وعملاء “الموساد عليه بت” (أي مؤسسة الهجرة غير القانونية) بالعمل.

أقترحت إحدى عميلات الهاغانا في إيطاليا خطة. وهي (ادا بلماس سيريني) ، أرملة (أنزو سريني) الجميلة، وكان زوجها من عناصر الهاغانا، أسقطته الاستخبارات البريطانية فوق إيطاليا التي كانت مؤيدة لهتلر، فألقي القبض عليه ومات في المعتقل.

تم إرسال فريق تفجير مختص بالعمل في قاع المياه إلى ميناء باري، حين قام رجال الضفادع بزرع لغم على جسم السفينة، وأغرقت في الميناء في الساعات الأولى من صباح 10 نيسان سنة 1948.

لم يشك الإيطاليون ولا السوريون بعملية تخريب صهيونية. لكن السوريين لم ييأسوا، فقد قام المقدم فؤاد مردم، الذي أجرى الصفقة مع التشيكيين بعملية إنقاذ مكلفة، ورفع معظم الأسلحة والذخائر من قاع الميناء ونظفها وخزنها في مستودع في ميناء باري. أخيراً استأجر فؤاد مردم سفينة إيطالية اسمها ارجيرو، وكان قد وجهه عملاء اسرائيليون لإستئجارها في أوائل شهر آب سنة 1948، أبحرت السفينة ارجيرو إلى ميناء باري، حيث حملت على متنها الأسلحة والذخائر التشيكية.

تم تابعت باتجاه بيروت وفي 11 آب. وعلى متن السفينة أرجيرو كان هناك رجلان إيطاليان يعملان لصالح الاستخبارات الإسرائيلية في البحر إلتقت السفينة (أرجيرو) يزورق صبد وعلى متنه رجلان إسرائيليان هما ديفيد بن هورين، وأدفيد سامح، وعرفا عن نقسيهما على أنهما ضابطان مصريان، ولديهما تعليمات بمرافقة السفينة. ولما صعدا الى متن السفينة استوليا عليها بالتعاون مع الإيطاليين وذلك في 21 آب 1948. وخلال ساعات وصلت زوارق إسرائيلية الى مقربة من السفينة حيث نقلت الأسلحة ونقل البحارة كذلك إلى المراكب الإسرائيلية وأغرقت السفينة (أرجيرو).

بعد أسابيع تم توزيع البنادق على جنود لواء اتزيوني الإسرائيلي على “جبهة القدس” أعيد البحارة الإيطاليون إلى بلادهم في آذار من 1949، عدا واحد مات متأثراً بمرض السل أثناء احتجازه.

في الشهر نفسه آب ونتيجة لما حصل أحالت السلطات العسكرية السورية فؤاد مردم على المحاكمة بتهمة الخيانة العظمى وذلك فور عودته إلى دمشق كانت التهم الموجهة إليه هي أن فتاة تشيكية يهودية جميلة (وفي بعض المصادر روي أنها يوغسلافية) قد أغوته وهي تعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية، وأقنعته بتحويل الأسلحة إلى الصهاينة. أتهم مردم كذلك بأنه حقق أرباحاً شخصية من جراء صفقة الأسلحة وإستئجار السفن، لذلك حكم عليه بالإعدام ” وهكذا نجد أن المذكور سقط بغباء منقطع النظير، في فخ من العسل الأسود المسموم، حين تعرف إلى إمرأة شهية حسناء، يقطر الشهد من شفتيها والسحر الحرام من عينيها، تعمل مع الإستخبارات الصهيونية، فكانت هذه النتائج المؤسفة والمرعبة معاً.

يقول الفيلسوف الإسباني “جورج سانتيانا” من لا يقرأ التاريخ محكوم بتكراره وإعادته.

وبعد هذا السرد المفصل نلاحظ التشابه الكبير بمجريات الحادثتين والأسلوب الخبيث المخادع فاليهود من صفاتهم الغدر واستعمال النساء في الإغواء للوصول لأهدافهم فعندهم الغاية تبرر الوسيلة وهذا قانون متبع عندهم منذ مئات السنين والشواهد موجودة في مرويات كتاب التوراة خاصتهم . لكن السؤال الذي يطرح نفسه ألا يجب علينا أن نقرأ تاريخنا بتمعن وانتباه لكي نتجنب الوقوع بحبائل مكائدهم وعلينا أيضاً تحصين جبهتنا الداخلية ومحاربة الخيانة أينما وجدت

“‏فإن المجتمع الذي يحتضن الخيانة ويفسح لها مجال الحياة، مجتمع مصيره إلى الموت المحتم”.

‎وأخيراً أتوجه لعائلات الشهداء والجرحى بأسمى آيات العزاء

والصبر والخلود للشهداء والشفاء العاجل للجرحى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى