لا نرى الرِّيح كما لا نرى الرُّوح، لكِنَّنا نَشعُر بمفاعيلِهِما.
لا نرى الهواء، لكِنَّ النَّسيم العليل في أيَّامِ الرَّبيع عند الصباح، أو عند المساء، يُشعِرُنا بالهدوء والسَّكينة والطمأنينة.
ريحُ الصَّيف الحارَّة تُثير نفوسنا وتجعلنا نهرُب من الشمس الحارَّة، لنحتمي بِظِلِّ شجرة، لنستعيد هدوئنا ونشاطنا ونستمتِع في ظِلّها ببرودةِ الهواء.
هواء لا نراه إنَّما نستَمتِع ببرودَتِه….
ها هو الخريف، أوراق الشَّجَر تتساقط ضربتها،
ريحٌ جافَّة فَصَلَتها عن جُزعِها، فسَقَطَت تترنَّح لا تدري الى أين.
عواصف الشِّتاء التي لا نراها بأعيُننا،
بل نراها تَهُزّ الأشجار هزًّا عنيفًا مُخيفًا،
البرق والرَّعد يدفعاننا إلى الاختباء، مُنتظرين هدوء العاصفة لِنَخرُج من جديد.
الرَّيح تَهُزّ الأشجار بِعُنف، تكادُ تقتلعها، كُلّ ذلك لتقوى وتُزهِر من جديد..
هكذا الرُّوح تنتقل بين الفُصول،
تارةً تعيش الربيع مُنتَعِشة، فَرِحة بالهدوء والسَّكينة، أيًّا يَكُن الزَّمان والمكان.
وطورًا تعيش جفاف الصَّيف مهما بَحَثَت عن الظلّ لتحتمي، لا تَجِدهُ.
يأتي الخريف روحنا مُنفَصِلة عنَّا، تتلاعَب بها الرّيحُ الجَّافة، تَنقُلها من مكانٍ إلى اخر، لا تعرف إلى أين ومهما حاولَت التشَبُّث لا تستطيع.
يأتي الشِّتاء، قطرات المطر تتساقَط، تعود الحياة إلى الرُّوح، فلا تعود تأبَه بالعواصِف ولا بالبروق ولا بالرُّعود لأنَّ هنالك من يحميها ويَغمُرها بالسَّعادة، فَتَنتَقِل الرُّوح إلى ربيع دائِم لا ينتهي.