تكريم الرسامة والنحاتة سلوى روضة شقير في الجامعة اللبنانية الأميركة وكلمات تحدثت عن فنها وتفانيها
نظمت “مؤسسة الفن في العالم العربي”، في كلية العمارة والتصميم الجامعة اللبنانية الاميركية (LAU) بالتعاون مع مكتب شؤون الخريجين و”المعهد العربي للمرأة (AIW)”، في مئوية الجامعة وضمن إطار تكريم كبارها الراحلين، حفل تكريم الرسامة والنحاتة اللبنانية الراحلة سلوى روضة شقير )1916-2017)، خريجة (LAU) 1938 والتي تعتبر اول فنانة تجريدية في لبنان ومن رائدات هذا الفن في لبنان والعالم العربي.
وفي المناسبة، أزاح رئيس الجامعة الدكتور ميشال معوض وابنة المكرمة هالة شقير الستارة عن لوحة الكترونية امام منحوتة “المعلقة” الصخرية الفريدة من نوعها، والموجودة منذ خمسينيات القرن الفائت قرب بركة المياه في القسم العلوي من حرم بيروت الجامعي.
واستهل الاحتفال بتقديم للمسؤولة التنفيذية للتواصل والمشاركة في مكتب شؤون الخريجين غادة ماجد التي قدمت رئيس الجامعة ميشال معوض الذي رحب بالحاضرين “للاحتفال بفن الخريجة المتميزة التي تجسد أفضل ما في LAU””. ووصف معوض الفنانة المكرمة بـ”النجمة المتألقة في كوكبة الجامعة اللبنانية الأميركية التي تنشر النور والفنون الجميلة والجمال منذ مئة عام”. واعتبر أن “شخصية شقير الشامخة هيمنت على المشهد الفني اللبناني في الرسم والنحت ورفعت المستوى عاليًا جدًا”. ورأى انها “قامت بنقلة نوعية في الفن التجريدي، وانتقلت بسلاسة إلى منصات عالمية رائدة لا لعرض فنها فحسب بل بلادها أيضًا”، واصفاً مسار الفنانة المكرمة ب”المثال الملّهم”.
وشدد معوض على ان “الجامعة وعلى امتداد مئة عام من عمرها لديها الكثير من النقاط المضيئة بين خريجيها الذين يزيد عددهم عن 45 الفاً ويبرزون كمنارات للتميز والإبداع. ووصف رئيس الجامعة الاحتفال بأنه “عودة جميلة ومحببة لـ سلوى شقير الى الجامعة”. وخلص الى أن شقير “تكرمنا جميعًا بمنحنا شرف أن نكون جزءًا من هذا التكريم لها ونحن نقوم بالفعل بتسوية جزء صغير من دين الامتنان لها”.
وكانت كلمة للسيدة هالة شقير اعربت فيها عن ارتياحها للاحتفال بمئوية الجامعة وخمسينية منحوتة “المعلقة”، ورأت ان “وجود المنحوتة في الحرم الجامعي شهادة على سمعة هذه الجامعة طوال مئة عام من عمرها”. وقالت: “تعبر هذه المنحوتة عن الجهد الجماعي لعقول جميلة للعديد من النساء اللاتي جئن إلى هنا للتعلم أو التدريس”.
وعرضت للعلاقة بين والدتها والجامعة وكيف “حرصت على حفظ صداقاتها”. وتذكرت سنوات الحرب والإهمال وكيف كانت قطع التمثال متناثرة على الأرض، وكيف بادرت LAU الى استعادتها والعمل على ترميمها ما شكل مفاجأة سارة لها، وقالت: “القطعة الأصلية التي تم “تكبير” هذا التمثال منها مكونة من ستة أبيات، في حين أن هذه التي أمامنا تحتوي على سبع قطع – وهو فرق بالكاد ملحوظ، ولكنه مهم للغاية”. وشرحت ان والدتها كانت تتحدث دائمًا عن النمو وكيف يمكن لمنحوتاتها، بما في ذلك هذه المنحوتة أن تتطور وتنمو”. وشكرت كل من ساهم في احياء الذكرى.
والقت مديرة “المعهد العربي للمرأة (AIW)” ميريم صفير كلمة من وحي المناسبة اشارت فيها الى “التزام “المعهد” بشدة تكريم ودعم النساء اللواتي مهدن الطريق وكسرن الحواجز في مختلف المجالات بما في ذلك الفنون”. ورأت أن “مساهمات سلوى شقير الرائدة يجب أن تحظى دائمًا بالتقدير الذي تستحقه اذ سعت جاهدة للتغلب على الأعراف المجتمعية والسرديات الفنية المتمحورة حول الغرب، ونجحت في إنشاء مكانة خاصة لها”. وقالت: “من خلال تكريم أعمالها الفنية الاستثنائية فإننا لا نحتفل بإنجازاتها العظيمة فحسب، بل نعترف أيضًا بالمثابرة والتصميم اللذين رافقا رحلتها الفنية الملهمة”.
وخلصت صفير الى الدعوة “لعدم نسيان النسوة الرائدات والاحتفال بنجاحاتهن الآن ودائما”.
وتحدثت المسؤولة التنفيذية للتواصل والمشاركة في مكتب شؤون الخريجين غادة ماجد واصفة الحفل بأنه “تحية جميلة لسلوى روضة شقير وإرثها الدائم في الجامعة”. واعتبرت أن “إزاحة الستار عن اللوح التذكاري هو لحظة مليئة بالإجلال والفخر وأن اعمالها الفنية تستمر في إلهام وإحياء ذكرى الروابط العميقة بين الخريجين وجامعتهم”.
واستذكرت ماجد 50 عامًا خلت، في يوم المؤسس عام 1974، عندما كشفت الخريجة ليلي بدر زوجة رئيس جامعة BUC في ذلك الوقت ألبرت بدر عن هذا النصب التذكاري معلنة أن فرع بيروت لرابطة الخريجين قدمت هذه المنحوتة المصنوعة من الحجر اللبناني الطبيعي كهدية للكلية في الذكرى 50 للجامعة. وقالت ماجد: “إن هدية اليوبيل الذهبي هذه، آنذاك والآن، تحمل قيمة هائلة، وترمز إلى الولاء العميق والتفاني الصادق الذي يحمله خريجونا لجامعتهم الأم”.
أضافت: “بعد مرور 50 عامًا، نجتمع هنا في الذكرى المئوية لتأسيس الجامعة حول هذا العمل الفني، “القصيدة الملحمية” أو “المعلقة”، كما تصور سلوى هذا النحت، لنجدد عهودنا. اذ تمثل هذه المنحوتة قصيدة خاصة مصنوعة بالحب والولاء لجامعتها الأم”.
ثم قام معوض وشقير بإزاحة الستارة عن اللوحة التذكارية.
معرض وتوقيع كتاب
وأنتقل الحضور بعدها الى كلية العمارة والتصميم لافتتاح معرض صور عن اعمالها الفنية، وتوقيع كتاب “سلوى روضة شقير… التصميم العربي الحديث، استكشاف التجريد عبر المواد والوظائف” لمؤلفته الدكتورة ياسمين نشابة طعان في صالة المعارض في مبنى الجزائري، وكانت كلمة ترحيب من عميد الكلية الدكتور ايلي حداد استعرض خلالها تطور مسار شقير الفني من مصر الى لبنان وصولاً الى باريس، وانخراطها في معهد الفنون الجميلة وعملها مع محترف فرناند ليجي، وكيف تطور عملها لتصبح خلال العام 1950 من بين اوائل الفنانين العرب الذي شاركوا في معرض Salon des Realites Nouvelles في العاصمة الفرنسية.
واستذكر ايضاً المعرض الاستعادي الذي اقامه متحف the great temple of Art في لندن العام 2013 لأعمال شقير حيث اكتشف أهم النقاد الفنيين في الغرب، ما اعتبروه كنزاً من اللوحات والمنحوتات والرسومات التي تضيء على الجوانب المتعددة للتجريد اعتماداً على التراث الثقافي المحلي. واشار حداد الى المقدمة التي كتبها مدير المتحف كريس ديركون وأبرز التشكيك في المفهوم الغربي الاحادي للحداثة استناداً الى اعمال شقير الرائدة والمستوحاة من الفن الإسلامي والشعر العربي.
وتحدثت الدكتورة طعان مديرة “مؤسسة الفن في العالم العربي” ومؤلفة كتاب “سلوى شقير…”، مشيرة الى اهمية “سبر اغوار الإرث الإبداعي لخريجة الجامعة اللبنانية الأميركية المتميزة التي ألهمت أعمالها ولا تزال تلهم أجيالاً من الفنانين ونقاد الفن في العالم العربي وخارجه”. وتوقفت عند لقائها مع ابنة المكرمة هالة في منزلها، وكيف اكتشفت التصاميم والنماذج المثيرة للاهتمام التي أصبحت موضوع كتابها عن سلوى. واعتبرت ان “سلوى شقير ادركت أن الفن والتصميم جزء لا يتجزأ من تقدم تاريخ الأمة وثقافتها”. ورأت ان “الفنانة المكرمة ومن خلال كتابتها وفهمها للفن والتعليم الفني، جعلتها تدرك أهمية النظر إلى تاريخ الفن من منظور ما بعد الاستعمار وكذلك مساهمة المرأة في المفاهيم المعقدة للهوية والتقاليد والتراث والحداثة من خلال فنها”.
وقالت: “إن عقل شقير النقدي جعلها تعيد التفكير في نهج تناول تاريخ الفن والتصميم في لبنان والمنطقة العربية”.
وخلصت الى ان “إرث سلوى يمتد إلى ما هو أبعد من الابتكار الفني، ويجسد الالتزام بالقومية العربية وتمكين المرأة في مواجهة الإمبريالية”. وقالت: “الليلة، لا نكرم إبداعات سلوى الفنية فحسب، بل نكرم أيضًا تفانيها الذي لا يتزعزع في سبيل هذه المُثُل”.