منوعات

لماذا تعجز الدول الكبرى عن تحقيق السلام العالمي؟/الاعلامية ريتا بشارة

كما نعلم عادةً أن السلام العالمي هو مفهوم الحالة المثالية للسعادة والحرية والسلام داخل وبين جميع الشعوب والأمم على الأرض .

وهذا المفهوم ينطبق على عدم وجود عنف في العالم وتحقيقه من خلال حقوق الانسان والتكنولوجيا والتعليم والهندسة والطب و الديبلوماسية المستخدمة لانهاء جميع أشكال القتال . ولكن ما نشهده خلال السنوات الاخيرة عكس المبدأ والمنطق المبني على السلام العالمي .

فأصبحت نظرية السلام لدى الدول الاستعمارية تقوم على أسس القوة والفرض و الهيمنة والسيطرة على الشعوب لإحلال السلام والأمان على أراضيها مرتبطةً بالاقتصاد والسياسة والعقائد الدينية والخلفية الثقافية والاعلام والرياضة والانتماءات السياسية .
بمعنى آخر ،فأصبح تحقيق السلام من جهتها متعلق فحسب بلقمة العيش تحت مبدأ “الحرية والخبز يسيران معاً”.

فتخلت هذه الدول عن المفاهيم القديمة للسلام ، فانفصلت عن مبادئ الحوار والتفاوض والإصغاء والتشاور والتفهم وقبول الآخرLa Tolérance والاستيعاب و التبادل ،معتقدة أن ركائز صنع السلام هي الحرب والتجويع والاستعباد والخ….وهذه الشروط والأساليب والطرق التي تعتمدها الدول الكبرى اليوم للحصول على مبتغاها كانت قد بدأت مع الامبراطوريات الماضية كالامبراطورية الرومانية مثلا الى عصر النهضة في أوروبا والتوسع الإستعماري من خلال نشوب الحروب كالحروب النابوليونية واكتملت بالتزامن مع الحرب العالمية الأولى والثانية الى يومنا الحاضر .

ففشلت هذه الامبراطوريات العظمى في تحقيق السلام الدائم بسبب الوهم المستمر فانحرف القادة عن مسار الثورات كخيانة نابليون للثورة العظيمة أي الثورة الفرنسية التي كانت تناشد وتدعو الى السلام تحت شعار:”الأخوة والانسانية والمساواة” وتنكر لنداءات السلام .وأيضا تعجز هذه الدول الجبروتية في تحقيق السلام لسبب ازدواجيتها وانفصامها في التعامل مع أسلحة الدمار الشامل والتدخل لحماية حقوق الانسان كمثل توقيع اتفاقية جنيف الذي لم يتخطى مضمونها حدود الحبر على الورق .وأيضا أخفقت واندحرت هذه المجموعات القوية في تحقيق السلام لانها تزرع في قلوب الشعوب المستضعفة الحقد والثأر والكراهية واللانسانية وفقدان الثقة مما جعلت هذه الفئات المهمشة تستخدم اساليب الثورات والانقلابات والتمرد ، فاعتمدت هذه القوى الظالمة على السيف وسفك الدماء لتجبرها بالتوق الى السلام منها.

وآخيرا،هل سيبقى السلام اضغاث احلام وسراب في صحراء عمرنا القاحلة ؟وأقصى ما نناله بعض الهدن المؤقتة الكاذبة ،فإذاً إلى متى سيبقى العالم حزيناً بائساً ويائساً؟فإذا لم نتغلب على الشر في داخلنا فكيف سنعطي سلاماً للآخرين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى