مجتمع وميديا

بين حديث الشرع وساحة الأمويين: خيط أمل لبناء سوريا جديدة

في حديثه لمحطة “بي بي سي” البريطانية، أدلى قائد حركة تحرير الشام، السيد أحمد الشرع، بأفكار تحمل في طياتها الكثير من الأمل لمستقبل سوريا. أبرز ما جاء في حديثه هو تأكيده على أن من يحدد مستقبل سوريا هو مؤتمر وطني ينتج عنه دستور يحدد هوية الدولة السورية وشكل الحكم فيها. ركز الشرع بشكل خاص على ضرورة إرساء حكم القانون في سوريا الجديدة، وهو ما يعكس وعيه بأهمية الحفاظ على الاستقرار السياسي في بلد ذي خصوصية جغرافية وسياسية ودينية كبيرة. ورغم محاولته الترويج لصورة سياسية بعيدة عن كونه قائدًا لتنظيم عسكري تصنفه العديد من الدول كتنظيم إرهابي، كانت رسالته واضحة بأن سوريا ليست أفغانستان.

في ذات الوقت، شهدت ساحة الأمويين في دمشق مظاهرة لقوى تنادي بسوريا دولة مدنية علمانية. المظاهرة كانت بمثابة رسالة قوية لحرية الرأي والتعبير التي كانت مفقودة في عهد النظام السابق، إذ جرت تحت أعين السلطات الجديدة بدون أي منع أو مضايقة. هذا الحدث يعكس مدى التغيير الذي بدأ يطرأ على المجتمع السوري، رغم أن خطاب الهوية الإسلامية ما يزال حاضراً بقوة في أوساط واسعة. المظاهرة كانت حاشدة، ضمت مختلف شرائح المجتمع السوري، ما يبعث برسالة قوية عن وحدة السوريين وتنوعهم.

حديث السيد أحمد الشرع ومظاهرة ساحة الأمويين يعطيان خيط أمل في إمكانية بناء سوريا جديدة تتسم بالحرية والديمقراطية، قبل عقد المؤتمر الوطني السوري الذي سيحدد هوية دستور سوريا المستقبلية. هذا الحراك السياسي والاجتماعي قد يكون مؤشراً على إمكانية بناء هوية سوريا الموحدة التي تحترم تنوعها، وتكرس دورها كبلد حاضن للأفكار الحضارية والإنسانية.

التحدي القادم سيكون أمام النخب السورية في المؤتمر الوطني المقبل، حيث يجب أن تتضافر الجهود لصياغة هوية سورية تجمع بين التيارات المختلفة دون الانزلاق في التطرف الديني أو الأفكار النيوليبرالية التي قد تبتعد عن هوية سوريا وتاريخها. إن البناء على هذه الفرصة التاريخية سيعزز من دور سوريا كرمز للحداثة والتقدم في المنطقة، ويمهد الطريق لمستقبل مزدهر للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى