خاص -الكلمة الحُرَّة بِمُواجَهَة التَّحريض السياسي”
مريم بيضون- ستار نيوز فيجين
نَظَّمَ المُنتَدَى العالمي للأديان والإنسانيَّة لقاء الحُريَّات الإعلاميَّة تحت عنوان:”الكلمة الحُرَّة بِمُواجَهَة التَّحريض السياسي” بِحُضور فعاليات سياسيَّة وقانونيَّة وإقتصاديَّة وإعلاميَّة وإجتماعيَّة، وذلك بتاريخ ٢٢ أيلول/ سبتمبر في مَقَرّ نادي الصِّحافة – فرن الشبَّاك.
شارَكَ في الِّلقاء كُلّ مِن رئيس نادي الصِّحافة الإعلامي بسَّام أبو زيد، الإعلامي والمُدَرِّب فادي شهوان، الصّحافي الاستقصائي الإعلامي رياض طوق، الصّحافيَّة والأستاذة الجامعيَّة نضال أيُّوب، الصّحافيَّة والباحِثة في مؤسَّسَة سمير قصير وداد جربوع، النَّاشِط السياسي والاجتماعي رمزي بو خالِد.
أدارَت الحِوار رئيسة المُنتدى العالمي للأديان والإنسانيَّة الإعلاميَّة باتريسيا سماحة.
بسام أبوزيد
اعتَبَرَ أبو زيد “أنَّ حُرّية التعبير عن الرأي موجودة في لبنان ولكن من يُريد خَوض تلك الحُرّية حتى النهاية سيدفع ثمنها ولو كانَ الثَمَن حياته. ولكن على الرَّغم من ذلك سنبقى مُتَمَسّكين بالحُرّية.”
وَرَأى “أنَّ الصّحافة في لبنان تُعاني على عدَّة مستويات نَذكُر مِنها المُستوى المهني أولًا، فالأصول المهنيَّة للصحافة لم تَعُد مُتَوَفّرة كالسَّابِق. ثانيًا، مُستوى أخلاقيَّات المهنة خاصة مع وسائل التواصل الإجتماعي التي ضَرَبَت الأخلاق الإعلاميَّة. فالصّحافة والإعلام يواجهون كيفية حماية حُرّية التعبير والصّحافة والإعلاميّين.”
واستطرَدَ قائِلًا:”يُفتَرَض على مهنتي أن تحميني، لأنّي سأكون مرآةً للرأي العام لإيصال صوته والصُّورة والمُعاناة والقضيّة المَعني بهما.”
واستكْمَلَ:”يَتَوَجَّب أن يكون هناك سُلطة في البلد تُقَدِّر حُرّية للرأي والتَّعبير، وعلى القانون أن يَحمي حُرّية الاعلام والاعلاميين، حَتَّى الصّحافيين يحب أن يتضامنوا مع بعضهم البعض، فالجسم الصحافي يَفتَقِر للتضامُن. وهُناك صعوبة في خلق ذلك التضامُن طالما هُناك مُؤسَّسات إعلاميَّة تابعة لجهات سياسيَّة تُجبِر الاعلاميّين أن يلتزموا بما يُريدُه السياسيّين. تلك العملية صعبة ويتوجَّب علينا إيجاد حلّ لعلاجها.”
وَقَدَّمَ اقتراحًا وَقال:”لماذا لا نُنَفِّذ نحن الصحافيين ما يُسَمَّى “شُرعَة حماية الصحافيين” وكيفية تطبيقها وفَرضَها كقانون وكيفية جَعْل السُّلطة تلتزم بهده الشُّرعة، وكيفية أن يَنُصّ القانون على هذه الشُّرعة، وكيفيَّة التزام القضاء والضَّابطة العدليَّة بهذه الشُّرعة.”
وَخَتَم:”يتوجَّب أن يكون هناك تَضَامُن قوي بين الاعلاميين لتكون الحُرّية في لبنان مُصانة..”
نضال أيُّوب
اعتَبَرَت أيُّوب أنَّ “التحريض السياسي يتجلَّى من خلال الحالات المُمَنهَجَة المُرتَكِزَة على خطاب الكراهيَّة وتشويه الصُّورة، وتَمتَدّ أهداف التحريض السياسي بين تشويه الصُّورة والسُّمعة والتَّصفية الجَسديَّة.”
وتابَعَت:”التحريض السياسي المُباشَر الذي يَستَخدم وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي للتأثير على الرأي العام وإثارته ضد شخص أو جهة معينة أو مُصَنَّفة مُنافِسة أو عَدُو للطَرَف المُحَرِّض لتحقيق غايات مُحَدَّدة وصولًا للإغتيال المعنوي أو الجسدي، ويَصِل التحريض السياسي إلى استهداف جماعات سياسيَّة واقتصاديّين عن طريق إثارة الإنقسامات وتعزيز النعرات وتقليص دورها السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي أو إلغاءِه. ولا يَقتَصِر التحريض السياسي على سياسيّين وجهات سياسيَّة بل يستخدم أيضًا المؤسَّسَات الدينيَّة والدّين، بل يبلُغ التحريض السياسي أقصى مداه في خطاب الكراهية.”
استكملت:”التحريض من نوع آخر وهو التلاعب بالوعي الجماعي هو ما يجب أن يخيفنا لأنه بهذه الطريقة يتم السيطرة على عقولنا وتصرفاتنا وترهيبنا. هذا النوع من التلاعب وإدارة الوعي يهدف إلى تدجين الناس وتحويلهم لجماعة مُخَدَّرة غير مُدرِكَة لعمليَّة اغتيال من نوع آخر هو اغتيال وتهديد الهُويَّة واستبدالِها بِهُويَّة أخرى دخيلة تُفسِح المجال أمام المُزَوّرين بالسيطرة على مُجتَمَعِنا وعلينا كمواطنين.”
شَدَّدَت على أنَّ:”الذين يُنَفّذون هذا النوع من إدارة الوعي والتلاعُب بذاكرتِنا وتاريخِنا قد يكونوا إعلامييّن يُنَفّذون أجندات الأجهزة الأمنيَّة، ووسائل الإعلام يصل فيها الأمر أن تتحوَّل إلى متاريس بين الجهات السياسيَّة والطائفيَّة المُتنافِسَة وتمرير أجندات لمصالِح جهات مُحَدَّدَة.”
استطرَدَت:”هناك دراسات ميدانيَّة مُرتَكِزَة على تقنيَّات دقيقة جدًا تُؤَكّد على أنَّ الناس والجمهور لم يَعُد لديهم ثقة في وسائل الإعلام، وهذه معضلة كبيرة جدًّا بالنسبة لنا كصحافيين وإعلاميين، حيثُ نَشهَد انعِدام الحسّ النقدي عند الجمهور وعدم قدرتِه على رَصد التلاعب تجاهه.”
واعتبَرَت “أنَّ عمليَّة إدارة الوعي تتمّ من خلال ممارسات مُتنوّعة: أولًا: سياسة الصَّمت: لا أحد يَتكلَّم عن الأحداث الكبيرة في البلد. ثانيًا: سياسة التناسي، حيث يتمّ مَحْو ذاكرة الشَّعب بِقَصد الإفلات المُتَعَمِّد من المسؤوليَّة والمُحاسَبَة والعقاب وإلغاء حقوق الآخرين وذاكرتهم..وأنَّ سياسة الصَّمت والتناسي يَتمّ تبريرهم في الخطاب الرسمي بِحِجَّة الحفاظ على السّلم الأهلي، وأنَّ من أنواع السيطرة على الوعي الجماعي، سياسة إعادة تشكيل التاريخ والهوية..”
ورأَت أنَّ”سياسة تزوير الهُويَّة والتلاعب بالذاكرة الجماعية هُي الأخطر وهدفها تثبيت هيبة الجهة المُتلاعِبَة.
حيثُ أنَّ عمليَّة التلاعُب من خلال المؤسَّسات ووسائل الإعلام تَهدُف لتغيير منظومة القيم في المجتمع وأيضًا إدخال مَغالَطات سياسيَّة وتدمير هيبة الدولة اللبنانيَّة..”
وفي الخِتام قالت:”في الوقت الَّذي نهتم كثيرًا بالذَّكاء الاصطناعي يتوجَّب أن ننتبه لذاكرتنا لأنَّها سَتُصبِح اصطناعيَّة.”
فادي شهوان
بدأ شهوان حديثه بالاستشهاد بقول لغبطة الكاردينال البطريرك مار نصرالله بطرس صفير “إذا خُيِّرت بين الحُرّية والعيش المُشتَرَك فاختَر الحُرّية.”
تابَع:”الحُرّية هي التي تجمعنا وليس العيش المُشتَرَك، فالحُرّية هي التي خَلَقَت العيش المُشتَرَك. فمن لم يُصَدِّق هذه المقولة فليَطَّلِع إلى التاريخ منذ 1400 سنة، هذا واقع وليس شعارات، حاربوا المُحتلّين بحثًا عن الحُريَّة، ماتوا بالآلاف حدادًا على الحُريَّة، هربوا من الدُّوَل المُجاوِرَة طَلَبًا للحُريَّة واتَّفَقوا على العيش المُشتَرَك تحت شِعَار الحُريَّة.”
اسْتَكمَلَ:”تاريخنا القديم والحديث والمعاصر لن يستطيع أحد فرض معتقده علينا وانتزاع حريتنا مِنَّا. وأنّي أدعوكم لقراءة التَّاريخ القديم عبر العصور والجديد لنحترم وَنُقَدِّر الحُريَّة التي أصبحت منَّا وفينا. فالحُريَّة لا تُكتَسَب ولا نتعلمها ولكن يبدو أنها وُلِدَت فينا. وأنَّ عملية قمع الحُريَّات رافقتنا مُنذُ الخطوة الأولى في الإعلام ولا زالت لغاية الآن.”
استطرَدَ قائِلاً:”نحن نؤمن بهذه الحُريَّة،لبنان يتمتَّع بِسَقف حُريَّة عالٍ لأنَّ الحُريَّة حدودها المسؤوليَّة والوعي، وغياب الوعي والمسؤوليَّة يعني غياب الحُريَّة. .ونحن كصحافيين وقادة رأي من يُحَدِّد السَّقف والحُدود ومدى الحُريَّة ولكن بمسؤوليَّة ووعي.”
تابَع:”صحيح أنَّ الوظيفة الأولى للإعلام هي نقل الخبر بحقيقَتِه، لكن الوظيفة الأهم هي التأثير وخلق الرأي العام.. وبالنّسبة لما يَتَعلَّق بحادثة الكحَّالة تعاملنا مع هذا الموضوع بِحَذَر ومسؤوليَّة، ولم ننقل الخَبَر مُباشَرَةً لمنع الفِتَن والمَشاكل. بدأت الإتصالات لتأمين المعلومة وتقاطع المعلومات لتأكيد الخبر وفي ذلك الوقت بدأنا التحضير لإرسال مندوب مع SNG للكحالة..”
استَكمَلَ:”يُحَمّلون الإعلام عمليَّة سفك الدِّماء والإرهاب، وعندما تقول الحقيقة ترفضها السُّلطة وتصف كلامك بالتحريض والفتنة.”
وَخَتَم:”نحن اليوم لسنا مُتَّهَمون بالتحريض بل بالجُرأة، تَجَرَّأنا على الوقوف في وَجهِهِم وَقلْنا الحقيقة، تجرَّأنا أن نَتخَطَّى الخُطوط الحمراء التي وضعوها لذلك شَنُّوا علينا حملة عَبرَ وسائل التواصل والإعلام..”، وَدَعا الجميع أن يقفوا إلى جانِب الكلمة الحرة وَوَقف التحريض ضِدَّنا، فَنَحنُ نُؤمِن بالكَلِمة الحُرَّة.
رياض طوق
اعتَبَرَ طوق أنَّ هُناك ثلاث أنواع من الصحافيين،
“الصحافيين العقائديين المقسمين فريقين ومعسكرين وهذا ما يؤثر على التضامن الصحافي، الصحافيين الذين يتخذون الصحافة كمهنة وبابًا للرزق، والصحافيين أصحاب الرسالة.”
ورأى أنَّ “الوضع المادي الصَّعب يَضَع الصحافيين أمام ضغوطات وعرض الرشاوى عليهم وبالتالي يتوجَّه نحو بيع المنبر وصوته وقلمه.وأنَّ هذا النوع شوَّه الجسم الصحفي والرسالة الصحفية وله تأثير كبير على حرية التعبير من وجهة نظري أكبر من الترهيب الذي تمارسه الجماعات المُسَلَّحة أو أجهزة الأمن. فالعامِل المادي الذي دَخَلَ على الوسائل الإعلاميَّة تحت راية الإعلانات هو ما قَوَّض هذه السَّلطة الرَّابعة ودَفَعَها لتكون أقل جرأة..”
وداد جربوع
تَطَرَّقَت جربوع لظاهرة التحريض السياسي ضد الناشطين الصحافيين وأصحاب الرأي الحر وحتى المؤسسات الإعلامية والانتهاكات الثقافيَّة والإعلاميَّة التي رصدتها مؤسسة سمير قصير من وراء التحرّي والتي اتَّخذَت أشكال كثيرة منها خطاب الكراهية والتحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، حملات تشويه السُّمعة التي استهدفت صحافيين عبر تقديم معلومات كاذبة ومضللة، العمالة، التخويف التي تُشجِّع على العنف الجسدي تجاه الصحافيين وأصحاب الرأي.
واعتبرت أنَّ:”تصاعُد خطاب الكراهيَّة في السنوات الأخيرة وتداعياتها على حُريَّة التعبير وسلامة الصحافيين والسَّلامة الإعلاميَّة وصلت لهدر الدَّم بسبب عملهم الإعلامي والصحافي.”
وتابَعَت:”تلك الحملات ليست عفويَّة وعمديَّة بل هي مُبَرمَجة من قِبَل جيوش الكترونيَّة لأحزاب سياسيَّة. وأنَّ خطورة التحريض السياسي وتأثيره على حُريَّة التعبير، من ناحية تقييد حُريَّة التعبير، انتهاك حق الأفراد في التعبير عن رأيهم وتخلق نوع من رقابة ذاتية على عمل الصحافي وَيَقِلّ نشاطه وعمله ويبتعد عن إثارة المواضيع الحسَّاسة والمُثيرة للجدل وبالتَّالي لن يعد للجمهور المعلومات التي سَتُشكِّل فارِق في ما يتعلَّق بموضوع الفساد.”
واعتبرت أنَّ الحل يكمن في تعزيز الوعي وتجريم خطاب الكراهية في لبنان ودعم الصحافيين وتسليط الضوء على كل الإنتهاكات ودور منظمات المجتمع المدني.
رمزي بو خالد
اعتَبَر بو خالد أنَّ “الصراع الذي نشهده اليوم هو بين الكلمة الحُرَّة والنَّاس الَّذين هُم ضُدّ الكلمة الحُرَّة، وأنَّ السُّلطة تتحكَّم برأي وآراء الناس وتُحاوِل طَمْس الحُريَّة.”
وَتابَع: شَهِدنا عبر التاريخ انتهاكات عديدة خاصة فيما يتعلَّق بموضوع الإضطهاد الذي تَعَرَّضَ له الصحافيين والصحافة ابتداءً من عام 1915 و 1916، وتَحَوُّل لبنان لساحة خلال الحرب الأهليَّة وبدء الرسائل التي تنطلِق من خلال وسائل إعلاميَّة، وظهور وسائل إعلاميَّة تُستَعمَل لتكون متراس على الآخر أدَّى لهذا الانقسام…”
استكمل:”كل سياسي لديه شعبه، الإدارة الموجود فيها، إمكاناته، وسيلة إعلامية تابعة له لتسويق البرامج والفتن وتشويه صورة الآخر والقضاء عليه وإلغاءه.”
تابع:”نحن في هذه المرحلة كُلّ ما نشهده بالخبر هو مسموع، لا يوجد تَحَرّي واستقصاء، لا نبني على الحقيقة ومضمون الأمور الحقيقية. اليوم نحن أمام سلطة مُفَكَّكة فَقَدَت مُقَوِّماتِها…”