كتب منح شهاب .. من صيدا إلى السيدة ميسَّر الرواَّس الجابر!
هي سيدة عصرها! يعلو وجهها السمح الكريم المهابه، ويشع في عينيَّها الذكاء، شديدة الإيمان بنفسها وعقيدتها، وهي على غاية من التقى وعمل البرَّ، فما عرفت نفسها إلاَّ البذل والعطاء.
إكتملت تقوى الله فيها فكانت من تمام نعم الله على صيدا أنها مدَّت يدها الخيَّرة إلى المساجد وإلى كل مؤسسة خيَّرية فبذلت وأعطت دون تفريق ولا منَّه، وكان لها لمجموعة من الأعمال الصالحة لا يدركها الحصر! جادت لها بالعطايا الجسام، وجمعيات للإحسان أقامت بعضها وسعت إليها… ودعمت البعض الآخر بالهبات الجزيله! فهي صاحبة اليد البيضاء… وإنها في سبيل الله والخير لتنفق بغير حساب! ذلك أن الله قد أعطاها بغير حساب!! وأنها لتحفظ لله جميل الإحسان وتريد أن تُسَّدد دينها لله عن طريق الإنسانية! فهي ليست بالسيدة العاديّة؟!! وليست بالسيدة المجهولة؟!! وليست بالسيدة التي لا تستحق أن يُكتب عن شخصيتها المرموقة التي أعادت إلى عالمنا وقائع كل ميراث التاريخ الصيداوي من خلق ونبل وإصالة وكرم.. وكانت من الأوائل الذين طوْقّوا عنق صيدا بالجميل!!
فارتفعت بها بين أعلى الطبقات الإجتماعية، بل بين أرفع المكانات الإنسانية، فما كانت لتنبت في صيدا غير الزهور اليانعه الفواحّه.
هي من ذوي البيوت الكريمه، موضع احترام، وانه لاحترام، منشؤها (الاحترام) نفسه لعظيم مكانتها! ونزاهتها! وتقواها! وشدّة عفتّها! وكرمها الحاتميَّ!…
وقد اجتمعت لها القلوب المؤمنه، تأسرهم بالبشر، وهم يحاصرونها بحبهم! فإذا هي بينهم تستمتع بمحبة شاملة لقوله تعالى (إذا أحب الله عبداً حبب به الخلق)! كما أوثقت عرى الوحدة فيما بينهم لقوله تعالى (انما المؤمنون أخوة)! وهي بمآلها الحسنة تمسك بطرفي الدنيا والآخره لقوله تعالى (ربنا آتنا في الدنيا حسنه وفي الآخره حسنه)! فكان لها في ذلك باب الحياة السعيدة تأخذها بأسباب العزَّة الموشاة بخيال أجمل من الربيع في بيان كأنه سحر الجنان!!…
وها أنا أقف (اليوم) أمام مسجدها العظيم الذي شيَّدته في الزيدانية على ما تحب من الهندسة المعمارية الإسلامية! والزخرفة الأندلسية الرائعة! لتمتين المبادئ والمعتقدات في النفوس.. ولتحمي الاخلاق وتدافع عنها، وتحضَّ المسلم أن يكون مثال الخلق الرفيع في جميع الأحوال حتى في مشيته ونظرته وفي لفظه ومنطقه مرشداً إلى الوفاء والصدق والعمل للمصلحة العامة لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)! ما يجعل المسلم المتشبع بروح الحشمة والطهارة أشَّد الناس بنية وأعظمهم قوة وأكملهم تمتعاً بنعم الحياة ولذاتَّها البريئة الحلال.
ما تيسر أعماله، وترعى سلوكه وتحمي مستقبله حماية تمتد إلى أعماق النفس والوجدان، تلك القيم المثلى! و المبادئ الفضلى! من الأهمية السامية بأدوار المساجد الجليلة التي تأخذنا بأسرار الدين! و علوم الحياة! فتفهم النفوس ضرورتها و تسير اليها طائعة راضية (إذ ليست حياتنا هي العمر الذاتي الذي نعيشه؟ لكننا نحيا في أنفسنا لآخرتنا التي تخلد وتبقى إلى الأبد)!.. و قد صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم لقوله أحب البلاد الى الله مساجدها… وبعد فأيّة مدنية أرقى من مدنية الإسلام التي تحتفظ بالمساجد كاحتفاظ الصدف باللؤلؤ! والسماء بالأقمار!!
هذا؛ وقد اختارت لمسجدها اسم (جامع ميسَّر) وهو أسم موفق! وافق فيه الأسم المسمى! و قد أودعت فيه الحب الطاهر للقلب! و فضائل عظيمة من ظلّها الوارف!!… يؤمه المصلين فترى الخشوع فيه لله، والإيمان بالله، وتقوى الله ما جعل الشباب (الادمان على الحضور) للصلاة فيه وحفظ القرآن وتعاليمه وهدايته!… وبعد؛ انك لتعلم بأن السيدة ميسَّر الرواس الجابر متدينة الولاية.. وأن الله قد إختارها ولية محسنة! و أن التديّن و الاحسان يشيعان بالفعل!… براً بالوالدين (والدها المرحوم محمد سعد الدين الرواس ووالدتها المرحومة الحاجة شما محمد المّحمد) سائلين الله أن يجعل هذا البر رحمة في رضاه من رضى الوالدين لقوله تعالى (وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا) وفي ذلك الجزاء الاوفى!!…
ونحن في صيدا إذا ما سجلنا وشكرنا فإنما نسجل ونشكر ما رأت العين ولمست اليد.. إذ لم نقصد فيما تقدم إلاَّ الإيجاز سيرة سيدة صالحه وما تتحلى به من مزايا كريمة، بلغت اسمى الكمال الإنساني!…
فما من يوم إلاَّ يؤرخ لها ويُدْون! ولا يكتب عنها الكاتب إلاَّ راى صفحته من تنوع مآثرها المحبوبه كالروضة كل ما تنبته مُلوَّن!…