Star News Englishبلديات

هويات قاتلة ومصطلحات ضالة! بقلم زيد قطريب

المصطلحات السياسية والاجتماعية، أصبحت كوكتيلاً فاسداً يمزجون فيه عصير البطاطا مع الفريز والبرتقال و”قشاطي” الحليب، ثم يقدمونه “للرجل المريض” المنهك بالهويات القاتلة والمصطلحات الضالة، الذي لم يعد يعرف إن كان سورياً أم عربياً أم كردياً أم شيعياً أم سنياً أم مسيحياً غربياً أو شرقياً. جسد “الرجل المريض” يتداعى اليوم، وهو مضطر لشرب كوكتيل المصطلحات هذا، على أمل إنقاذ عضو ما، حتى لو كان ذراعاً أو قدماً أو زائدة دودية! مادام الكوكتيل إياه، لا يتضمن فيتامينات لمعالجة الرأس المقطوع الذي يتجول وحيداً في طول البلاد وعرضها!

يخلط البشر بين المصطلحات، ويعتبرون الأعراق قوميات، والأديان انتماءات نهائية. ويتورطون أكثر عندما يعقدون اتفاقاً بين القومية والدين، ليصبح الإسلام أهم مقومات “الأمة العربية” كأن الشعب الذي سكن هذه المنطقة منذ آلاف السنين ولم يكن مسلماً ولم يتحول جزء كبير منه إلى الإسلام، هبط إلى هذه الأرض من المريخ!

كوكتيل المصطلحات والهويات القاتلة، وصل فلسطين المحتلة، فأصبح لدينا “عرب فلسطين”، و”عرب 48″ و”عرب إسرائيل”، وكلها مصطلحات ناجمة عن وضع آني، اسمه الاحتلال، وهذا ما لا يجوز. هذه التسميات، بالرغم من التاريخ النضالي المرتبط بمصطلح “عرب 48″، تشوه الانتماء، وهو ما تسعى إليه إسرائيل عندما توحي بأن الصراع في المنطقة صراع أقليات وأديان. تاريخيا، فلسطين هي جنوب بلاد الشام، أو سورية الجنوبية. لبنان هو جبل في سورية. ولاية بيروت كانت تمتد من فلسطين إلى طرابلس. لا يجوز تغيير الهوية القومية استنادا إلى أوضاع سياسية عابرة.

أيها السادة، لم يصبح السوريون روماً في فترة الاحتلال الروماني، ولم يتلاشوا ليصبحوا يونانيين في عصر الاسكندر المقدوني. نعم لقد تأثروا وتفاعلوا وأفادوا واستفادوا، لكن تلك العصور لم تستطع أن تسلخ جلدهم الذي كان يعود إلى التعافي بعد انقضاء كل مرحلة. وبالتالي فإن تعاملنا مع الهويات القاتلة الطارئة في كل عصر على أنها هويات نهائية، لهو خدمة لتشويه الهوية وحرفها عن المسار.

القضية ليست شوفينية تعصبية بالتأكيد، ونحن نتحدث عن مراحل لم يكن فيها أحزاب سياسية تقول بسورية المنطقة، لكن الانسياق مع كل عصر احتلالي والتعامل معه كهوية نهائية، يؤكد أن من يشجع على شرب ذلك الكوكتيل، يعمل بطريقة “نسوق حسب السوق” ونتلون تبعاً للعصر السائد، وهذا ما سيحدث لاحقاً عندما ينتهي العصر العربي المدعّم بالدين واللغة، حيث ننتقل إلى عصر غاز آخر وانتماء مختلف، إن لم نتمكن من استعادة الرأس المقطوع الذي قلنا إنه يتجول وحيداً في طول البلاد وعرضها بحثاً عن الجسد السليم.

القضية ليست مواجهة مع الدين والأعراق. إنما رفضاً لاقحام الدين فيما ليس منه وفيه، مثلما هو الأمر في تحويل الاثنيات إلى قوميات مغلقة أو اعتماد اللغة كعامل في تقسيم الناس واعطائهم هويات زائفة. كما أن المسألة ليست رفضاً للعروبة، إنما اعطاءها حجمها الحقيقي بعيداً عن الأوهام والعواطف والحسابات الدينية واللغوية، التي لم تشكل الأمم يوماً إنما كانت نتيجة لعوامل تفاعل الأمة بين أبناء شعبها وبيئتهم الطبيعية.

لا تشربوا كوكتيل الهويات الفاسد أيها السادة. فالعروبة تلغي الأكراد والسريان والاشوريين والتركمان وغيرهم.. كما أن الدين يلغي بقية الأديان ويحول كل طائفة إلى أمة ومشروع دولة أو إدارة ذاتية.

التحليل المخبري لمياه نبع الفيجة والعاصي ودجلة والفرات، يقول: نحن سوريون، وخلف سوريين، ضعوا ما شئتم!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى