عدنان خوجة وقع كتابه “زمن الخيبة” في مركز الصفدي بطرابلس
أقام “سبيكتروم أرت سنتر”، احتفال توقيع كتاب “زمن الخيبة” للفنان التشكيلي الدكتور عدنان خوجة في مركز الصفدي الثقافي بطرابلس، في حضور النائب اللواء أشرف ريفي، نائب رئيس جامعة بيروت العربية لفرع الجامعة بطرابلس البروفيسور خالد البغدادي، المدير العام لوزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، مديرة مركز الصفدي الثقافي الدكتورة نادين العلي عمران، مدير كلية الفنون الجميلة والعمارة الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية الدكتور حسان الصمد، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد، المدير العام لدار “جروس بريس ناشرون ناصر جروس”، وحشد من الكتاب والأدباء واساتذة جامعيين ومهتمين.
عبيد
بداية، النشيد الوطني، وقدم للندوة المدير السابق لكلية الفنون في الجامعة اللبنانية الفرع الثالث الدكتور عصام عبيد بكلمة أشار فيها إلى أن “زمن الخيبة توقيت يحاكي الأزمة ويلخص الواقع، وكعادته الدكتور عدنان خوجة يبدع في إنتقاء التوصيف ويخوض في أعماق الواقع ليكشف ما ظهر وما بطن”.
الحلوة
ثم تحدث رئيس الإتحاد الفلسفي العربي الدكتور مصطفى الحلوة فقال: “ينتمي زمن الخيبة إلى فن المقالة وهو لون أدبي مستحدث في الفكر العربي يعالج فيه الكاتب قضية أو فكرة معينة أو حدثا محددا وهو لون يطول مجالات معرفية متعددة، من هنا نجدنا أمام المقالة العلمية، الأدبية، السياسية والمقالة الإجتماعية وإلى آخر السلسلة من المقالات في فنون شتى. بهذه السمات فإن المقالات المائة وست وثمانين التي يضمها زمن الخيبة تلبي شروط فن المقالة السياسية الإجتماعية، فكل مقالة تكتب على إطروحة أو قضية أو حدث محدد ولا تتجاوز الصفحات الثلاث. وقد عمد الباحث خوجة إلى توسل لغة سليمة واضحة، مما يجعل مقالاته وإستطرادا الكتاب في متناول أكثر الشرائح المجتمعية وفي ذلك إستجابة لديمقراطية الفكر إنتشارا وذيوعا. وصحيح أن الباحث أدرج كتابه بحسب عنوانه في إطار الإجتماع السياسي ولكننا نرى ايضا مؤلفا ينضح بمحطات تنضوي على الكتابة الإبداعية، فالكتاب حافل بوقفات أدبية رائعة كما بتعابير مبتكرة، تفرد بها الكاتب فكانت إلتماعات مبثوثة في تضاعيف الكتاب”.
ورأى أن “زمن الخيبة لا يتحدد زمنيا لجهة وقائعه عبر المواقيت التي إندرجت تحتها مقالاته المائة وست وثمانون والتي تتموقع بين عامي 2008 و2014 بل تتجاوز هذين العامين من خلال الغوص على خلفيات الظاهرات التي يقاربها والعوامل الفاعلة فيها. ومن جهة أخرى فهو يستشرف المستقبل عبر نظرة رؤيوية ثاقبة رسمت خريطة طريق لما يحمله الآتي وجله من سيىء الأوضاع والأحوال.في نهاية المطاف وإذ نثمن هذا المؤلف المرجع نرى أنه جدير بالقراءة والإفادة منه فهو سجل يرصد مرحلة قلقة من تاريخنا اللبناني والعربي كما مسار الإقليم والعالم”.
يمين
كما تحدث الكاتب والإعلامي الأديب محسن إدمون يمين فقال:”ليس الدكتور عدنان خوجة أول فنان تشكيلي يجمع بين المقدرتين الفنية والكتابية في التعبير وصوغ رؤاه وآرائه وإختلاجات صدره، فقد سبقه لبنانيا، للمثال، جبران خليل جبران الذي كان نتاجه الفريد وليد إنصهار الموهبتين في عبقريته وشخصيته الفذة، كما سبقه نحاتون رواد كيوسف الحويك ويوسف غصوب، ورسامون كصليبا الدويهي في رسائله الملفتة وقيصر الجميل ورضوان الشهال وإيتيل عدنان وحليم جرداق ومحمود الزيباوي على سبيل المثال. أما عالميا فقد فتح على فيكتور هوغو كذلك وعلى فيديريكو غارسيا لوركا وطاغور وليوتولستوي، كما يعتبر خوجة أحد الفرسان المجلين في “مجموعة الفنانين العشرة” للفن والتراث في طرابلس، كما جاراه في المزاوجة بين الموهبتين والإمساك بأدوات التشكيل من جهة وبالقلم والقرطاس من جهة أخرى كل من الدكاترة فيصل سلطان، فضل زيادة وعبد الرحيم غالب الذين لم تتعد كتاباتهم الأطر النقدية والأدبية والتاريخية فيما إنفرد خوجة من بينهم بخوض غمار التحليل السياسي والإشارة بإصبعه إلى مكامن العلل والخلل على ما تتطلبه المجاهرة بالرأي السياسي من قناعة راسخة وموقف شجاع”.
وأضاف: “الكتاب الذي بين أيدينا والواقع في 518 صفحة من القطع الكبير واسع وسع الهموم اللبنانية والذي يتتبع المقالات المدرجة بين دفتي (زمن الخيبة) والممتدة زمنيا من ال 2009 إلى 2015 سيجد نفسه خائضا في وحول واقعنا المأزوم الاشبه بنفق يبدو وكأنه بلا نهاية، كما سيجد نفسه عابرا كل أطوار أوضاعنا المتدحرجة التي إنتهت بنا تعقيداتها المتشابكة والمتراكمة إلى السقوط في الهاوية التي ستظل مستقرنا إلى ما شاء الله”.
سنو
ثم كانت كلمة للكاتب عبد الرؤوف سنو ألقاها نيابة عنه العميد الدكتور أحمد العلمي فقال: “لا يشك القارىء لحظة أن الصديق خوجة يبحث عن الدولة في لبنان من دون أن يجد اثرا لها، أو أن أحدا من السياسيين يريدها لوجود قوى أفرغت الدولة الحالية من معناها السيادي والمؤسساتي والوظيفي والخدماتي، وفيما عنون الرئيس سليم الحص كتابه الصادر في العام 1992 عن تجربته في الحكم بين العامين 1976 و1980 ب (زمن الخيبة والأمل) على أمل أن يصل لبنان إلى مرحلة السلام والإستقرار ويتعلم اللبنانيون دروسا من حرب عبثية، فإن من يتصفح مقدمة كتاب خوجة يرى أن الخيبة التي تصدرت عنوانه هي خيبات متلاحقة تقلقه في أعماقه، توالت على لبنان والمنطقة ولمست وطنيته وعروبته وإنسانيته، وكأب وجد يتطلع بحسرة إلى مستقبل أولاده وأحفاده”.
وأضاف:”خيبات عدنان خوجة هي فساد المؤسسات في لبنان والمنظومة الحاكمة التي تتساكن على أساس طائفي ومذهبي وتقاطع مصالح أو على مشاريع متنافرة وهدامة ودور حزب الله في تهميش الدولة منذ إغتيال الحريري و7 أيار 2008 وإندثار الربيع العربي ومضاعفاته والإحتلال الأميركي للعراق وتداعياته على الخليج وإستمرار الإحتلال الإسرائيلي على ارض فلسطين بهمجيتة وصهيونيته وتخاذل العرب وتسلط أنظمة عسكرية على عالمنا من المحيط إلى الخليج، وتتضمن خيبات خوجة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية وهجرة الشباب وما وصلت إليه حال مدينته الحبيبة طرابلس. خيبة الأمل هذه هي حال الكثيرين منا وأنا والدكتور خوجة فقدنا الأمل بقيامة لبنان ولو أراد التاريخ للبنان بعد العام 2015 لكتب: “زمن الخيبة والإنهيار”.
ملحم
كما كانت كلمة للاستاذة في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية الدكتورة رشا ملحم قالت فيها: “من يعرف الفنان يدرك أن محطات حياته من معايشته للحرب الأهلية التي تعرفه على أسماء في ثمانينيات القرن الماضي، أصبحت مرموقة في عالم السياسة لاحقا، جعلته يدخل في عمق الحدث يقرأه بعينين تتطلعان إلى النتائج ليقدمها للقراء على عجل.كيف لا والسياسة هي قوتنا اليومي فنحن نتنفسها ونتكلمها ونتصرفها في كل لحظة من حياتنا وما (زمن الخيبة) إلا دليل واضح على مواقف الدكتور خوجة الصريحة والمعلنة وعن رصانة لا تقل بل توازي دون مبالغة رصانة أعماله التشكيلية”.
وتابعت: “هو كتاب يجمع في صفحاته مقالات كتبت بين عامي 2008 و2014 وهي على الرغم من أنها لا تخلو من ذاتية الكاتب في التقديم، إلا أنها مادة توثق الأحداث السياسية اليومية وهو ما يجعل الكتاب متنوعا وغنيا في موضوعاته وتشبيهاته يتنقل الكاتب بينها بليونة من شجون لبنانية ومحلية إلى أخرى عربية وإقليمية ثم ثقافية ليصب كتابه في النقد المواكب اليومي السريع، المعروف بالنقد الإنطباعي الذي يمتاز بصدقه مع الذات ومع الموضوع، ولا شك أن القارىء يستشف سعة إطلاع الدكتور خوجة وقدرته على مراقبة الأمور وتشريح القضايا السياسية دون ان يتخلى عن حسه الفني ونفسه الأدبي الطاغي في فحوى نصوصه”.
وفي الختام، ألقى الكاتب خوجة كلمة شكر فيها الحضور والمتحدثين، ثم وقع كتابه.